} العلامة الثالثة : خروج الكذابين وأدعياء النبوة {
هذه العلامة يمكن تقسيمها إلى فقرتين :
الفقرة الأولى : خروج أدعياء النبوة :
/ - عَنْ ثَوْبَانَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : } إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ كَذَّابُونَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي . { ([1])
/ - عن ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : } بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ . { فَقَالَ عُبَيْدُاللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزٌ بِالْيَمَنِ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ . ([2])
/ - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي مُسَيْلِمَةَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ r فِيهِ شَيْئًا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ r خَطِيبًا فَقَالَ : } أَمَّا بَعْدُ : فَفِي شَأْنِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِيهِ وَإِنَّهُ كَذَّابٌ مِنْ ثَلَاثِينَ كَذَّابًا يَخْرُجُونَ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَلْدَةٍ إِلَّا يَبْلُغُهَا رُعْبُ الْمَسِيحِ إِلَّا الْمَدِينَةَ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْ نِقَابِهَا مَلَكَانِ يَذُبَّانِ عَنْهَا رُعْبَ
شرح :
هذه العلامة من دلائل نبوة المصطفى r ؛ حيث ظهر بعض المتنبئين في آخر عصره كمسيلمة الكذاب في اليمامة والأسود العنسي في اليمن ، واستمرت هذه الظاهرة بعد موته r ؛ حيث خرجت سجاح التميمية في بني تميم ، وطليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة وذلك في عهد أبي بكر t ، وترادف بعد ذلك خروج أدعياء النبوة فما من قرن إلا به من ادعاها ، وكان له أتباع وشوكة منهم المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي غلب على الكوفة في أول خلافة ابن الزبير وبدأ دعوته بإظهار حب آل البيت والمطالبة بقتلة الحسين ثم زعم أن جبريل r كان يتنزل عليه ، وقد قتل المختار سنة بضع وستين .
وفي العصور القريبة خرج أحمد القادياني في باكستان وادعى النبوة ، بل ادعى أنه المسيح الموعود وله ضلالات كثيرة ، وأتباعه يعرفون بالقاديانية أو الأحمدية ، وكذلك خرج علينا علي محمد الشيرازي في إيران والذي اعتبر نفسه باب المهدي ؛ أي الممهد لخروجه ، الذي كان من أتباعه حسين علي الملقب ببهاء الله ، وهذا الأخير قد ادعى إلغاء الأديان واعتبر نفسه مظهر الله الحقيقي الذي بشر به جميع الأنبياء وأدعياء هذه الفرقة تعرف بالبهائية أو البابية ، وهي من المذاهب الهدامة المستغلة من أعداء الأمة ، ([5]) وآخر من خرج علينا المدعو رائيل زعيم الطائفة الرائيلية الذي ادعى النبوة وادعى التقائه بالأنبياء .
والملاحظ في الأحاديث السابقة أنها ركزت على أدعياء النبوة ، ويراد بهم من كان له أتباع وشوكة ، وقد بينت الأحاديث السابقة أنهم ثلاثون ، وفي أثر أن آخرهم الدجال الذي يدعي الألوهية ، وورد في أثر مرفوع بسند جيد عند الإمام أحمد أن عدد أدعياء النبوة سبعة وعشرون منهم أربعة نسوة ، فيكون المراد بعدد الثلاثين هنا جبر الكسر ، ويؤيد هذا الرأي أثر آخر عن جابر t عند أحمد بأنه قال : قريب من ثلاثين .
هذا بالنسبة لأدعياء النبوة ممن كان لهم شوكة ، أما من ادعى النبوة دون أن يكون له أتباع وشوكة فهؤلاء كُثر ، ولا يكاد يخلو منهم عصر أو قطر ، وكان لهم تفانين في ادعاء النبوة ، منها أن إحدى النساء التي ادعت النبوة قد استدلت على دعواها بحديث النبي r : لا نبي بعدي حيث قالت أن النبي r قال : لا نبي بعدي ولم يقل : لا نبية .
وبعضهم غير اسمه وسمى نفسه » لا « ، واعتبر أن حرف النفي في الحديث السابق هو اسم واعتبر أن المراد بالحديث بأنه سيكون نبيٌ بعد محمد r يكون اسمه لا ، وهكذا للكذب طرائف وتفانين لا يخلوا منها عصر .
الفقرة الثانية : خروج الكذابين :
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : } يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لَا
/ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ : } سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ مَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ { ([7])
/ - عن أبي الجلاس قال : سمعت علياً t يقول لعبد الله السبئي : « ويلك والله ما أفضى إلى بشيء كتمه أحداً من الناس ، ولكن سمعته يقول : } إن بين يدي الساعة ثلاثين كذاباً { . وإنك لأحدهم .» ([8])
شرح :
هذه الآثار تشير إلى خروج كثير من الدجالين والكذابين بين يدي الساعة ، ولا يشترط إدعاؤهم النبوة كما في الفقرة السابقة ، والأثر الأول والثاني يشيران إلى أن هذه الظاهرة تتضح في آخر الزمان ، أو في آخر الأمة .
وقد دلت الأحاديث إلى بعض أوجه الدجل التي يخرج بها هؤلاء ؛ حيث يحدثون الناس بأخبار وأحاديث مضلة لم يسمع بها المسلم أولم يعهد أي أثارة من علم السابقين عنها ، ولعل الأحاديث السابقة تشير إلى ظاهرة وضع الأحاديث واختلاق الأكاذيب ونسبها للصحابة وغيرهم ، وهذه العلامة بهذا الوصف يشهد الماضي والحاضر بصحتها ، و ما زلنا نسمع بكثير من الأحاديث التي تنسب إلى رسول الله أو إلى غيره من الصحابة والتابعين فيما يتعلق بأسماء وشخصيات ومعارك معاصرة كحرب العراق وأفغانستان ، و من نظر إلى تلك الأكاذيب فإنه لا يساوره شك بأنها من نسج الحاضر .